يجهل الكثير من ابناء الجيل الحالي عمق العلاقات التاريخية بين مصر والجزائر ، فمصر كانت مركز لانطلاق الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي عام 1954 ، وفي المقابل لا يمكن أن ننسى دور الجزائر في مساندة مصر خلال حرب 1973 ، حيث شاركت بأكثر من الفي جندي في الحرب، وأمدت مصر بـ 96 دبابة وما يزيد عن 50 طائرة حديثة.
ففي عام 1973 طلب الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين من الاتحاد السوفيتي شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين عقب وصول معلومات من جاسوس جزائري في أوروبا قبل حرب اكتوبر بأن إسرائيل تنوي الهجوم على مصر، وباشر الرئيس الجزائري اتصالاته مع السوفيت وتم شراء الطائرات والعتاد اللازم ومن ثم إرساله إلى مصر.
و اتصل الرئيس بومدين بالرئيس الراحل أنور السادات مع بداية حرب أكتوبر وقال له " إنه يضع كل إمكانيات الجزائر تحت تصرف القيادة المصرية"، وطلب منه أن يخبره فوراً باحتياجات مصر من الرجال والسلاح ، فقال السادات للرئيس الجزائري إن الجيش المصري في حاجة إلى المزيد من الدبابات وأن السوفييت يرفضون تزويده بها، وهو ما جعل بومدين، يذهب إلى الاتحاد السوفييتي ويبذل كل ما في وسعه، لإقناع السوفييت بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصري والسوري، ولم يغادر بومدين موسكو حتى تأكد من أن الشحنات الأولى من الدبابات قد توجهت فعلا إلى مصر.
وفي كتاب "مذكرات حرب أكتوبر" للفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصري :" ان الجزائر كان لها في حرب أكتوبر دورا أساسيا وقد عاش الرئيس الجزائري هواري بومدين ،ومعه كل الشعب الجزائري، تلك الحرب بكل جوارحه بل وكأنه يخوضها فعلا في الميدان إلى جانب الجندي المصري".
أما مصر فقد قدمت دعماً سياسيا واعلاميا وعسكريا للجزائر، حيث ساندت حكومة ثورة يوليو بقيادة عبد الناصر ثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي، وأعلنت الثورة الجزائرية من القاهرة عام 1954 .
و قامت مصر في فترة الخمسينات والستينات بتبني قضية الجزائر في المؤتمرات الدولية والتأكيد على شرعية وعدالة المطالب الجزائرية.
و تعرضت مصر بسبب مواقفها المساندة للثورة الجزائرية لعدة أخطار اهمها العدوان الثلاثي عام 1956 الذي شاركت فيه فرنسا ( بجانب بريطانيا واسرائيل ) انتقاما من مصر لدعمها جبهة التحرير الوطني الجزائري، كما قامت فرنسا ببناء القوة الجوية لاسرائيل و تزويدها بالقدرات النووية انتقاما من مصر.
و نجحت مصر في استصدار قرار من الامم المتحدة عام 1960 يعترف بحق الجزائر في الاستقلال عن فرنسا.
ولم تنتهي العلاقات التاريخية بين البلدين عند هذا الحد بل شملت العلاقات الفنية أيضا فيوجد الكثير من الفنانيين الجزائريين الذين لديهم شعبية كبيرة لدى المصريين ، مثل الفنانة وردة الجزائرية وغيرها ، هذا بالإضافة إلى أن النشيد الوطني الجزائري كان من تلحين الموسيقار المصري محمد فوزي.
فهل يشفع هذا التاريخ لكل المشاكل الحالية